ان التجاوزات السكنية ( العشوائيات ) تعد ظاهرة انتشرت بعد سنة 2003في عموم العراق، وان معالجة التجاوزات السكنية من خلال مشروع قانون يسمح بتأجير الأراضي السكنية لمن كان متجاوزا على الاراضي المملوكة للدولة منذ 31 / 12 / 2016 ،وقد يبدو للوهلة الاولى ان مشروع القانون يضع حلا جذريا لازمة السكن وانصافا للطبقة الضعيفة اقتصاديا من وجود عقار يأويهم، ولكن هذا المشروع عليه عدة ملاحظات وكما يأتي :-
1- لم يضع المشرع حلولا لمن تجاوز على املاك الدولة بعد تاريخ 31 / 12 / 2016 ، ويبدو ان المشرع عدهم غاصبين للعقارات وفقا للقواعد العامة، وكذلك وفق المادة 12 ،13 من هذا المشروع ، وترك امر رفع التجاوز وتحديد المتجاوز بلجنة مختصة ادارية بإزالة التجاوز، وكان الاجدران يتم الفصل في هذه المسائل للقضاء او للجنة يرأسها قاضي مختص .
2- كان الاجدران تكون المدة لا تزيد عن 25 سنة وتوضع مدد مختلفة لكل ظرف على حدة ، بدلا من وضع مدة واحدة قدرها في كافة الاحوال 25 .
3- ورد في المادة 7 – الفقرة رابعا من المشروع ان في حالة عدم تسديد مبالغ الاجرة يلغى عقد الايجار ، والحقيقة ان عقد الايجار لا يلغى بل يفسخ لعدم التزام الطرف الاخر بتنفيذ التزاماته.
4- ان المادة 7 الفقرة خامسا ، بينت اعفاء المستأجر من بدل المثل ، ويبدو ان لهذا الامر شيء حسن، ويحتوي كذلك على امر اخر غير حسن ، فالأمر الحسن هو الاعفاء من بدل المثل يشجع المتجاوزين على ابرام عقد الايجار وتمليكها بعد انتهاء مدة عقد الايجار ، والامر الغير حسن ان عدم اخذ بدل المثل منهم يعني اقرارا ان الفترة السابقة على عقد الايجار لم تكن غصبا للعقار بل انها اباحة للمتجاوزين ،وان مشروع القانون جعل المعتدي على املاك الدولة يفلت دون جزاء مدني .
5-ان المادة 11 من المشروع اباحت للمستأجر بعد انتهاء مدة الايجار ان يتملك العقار المستأجر على ان تعد مبالغ الايجار لمدة 25 سنة من ضمن ثمن العقار ، وفي هذا الامر عدة مشاكل قانونية ، منها ان من الناحية العملية قد يدفع المستأجر مبلغ زهيد بعد انقاص الثمن من اجرة 25 سنة .
وكذلك قد تحدث مشكلة عملية لو تبين ان الاجرة لمدة 25 سنة كانت اكثر من ثمن العقار ، وكذلك لم يبين المشروع ماهي اجراءات التملك .
6- لم يبن مشروع القانون كيفية دفع الاجرة لمدة 25 عام شهريا ام سنويا ام غير ذلك .
7- ان الفقرة الرابعة من المادة السابعة بين الجزاء في حالة عدم دفع الاجرة في المواعيد المحددة ، وهو تمليك المشيدات الى الجهة المالكة وبدون بدل ،والحقيقة ان الجزاء لم يفرق بين مجرد التأخير عن تسديد الايجار وبين عدم دفع الايجار ، ولم يفرق بين عدم دفع اجرة شهر وبين عدم الاجرة مطلقا ، وكان الجزاء واحدا، وكذلك ان تمليك المشيدات بدون بدل مع اعتراف الجهة المالكة ان-المتجاوز- يعد مستأجرا يخالف القواعد العامة ، فكان ينبغي للجهة المالكة ان لم تدفع قيمتها كاملة تدفع قيمتها مستحقة القلع .
8- كان الاجدر ان يكون الحل بتوزيع قطع اراضي لجميع الشرائح ومن خلال اولوية تقوم بها الحكومة واعطاء قرض الاسكان بمبلغ جيد ولكل مواطن وبإجراءات مخففة .
9- على الرغم من فكرة مشروع القانون ايجاد حل سكن للطبقات الضعيفة اقتصاديا ، ولكنه لا يخلو من مثلبة كون فكرة مشروع القانون ماهي الا حل ترقيعي لأزمة السكن وليس حلا جوهريا ، بل قد يكون هذا المشروع مشكلة لو اقرا بصيغته هذه .
10- كان لابد من مراعاة المناطق الرئيسة في العاصمة والمحافظات وعدم شمولها بمشروع القانون ، كونها تمثل ثروة وطنية من ناحية القيمة الاقتصادية للعقار ، كما ان التجاوز على هذه المناطق المهمة من شأنه تشويه لمراكز المدن، وغيرها من العيوب الواضحة التي لا تخفى على لبيب .
11- كان لابد من مراعاة ان هذه القطع السكنية غير نظامية ، وان كانت المادة الخامسة قد عالجت ذلك ، الانها لم تكن المعالجة شاملة ، فكان لابد من مراعاة ذلك في توزيع الخدمات فيها ، وكيفية البناء وطريقة البناء ومساحة البناء المتجاوز عليها .
12- بينت الفقرة سادسا من المادة السابعة تحمل المتجاوز بدل المثل من حين صدور القانون الى حين ابرام عقد الايجار ، ولعل الحكمة من ذلك هو الاسراع في ابرام عقد الايجار من المتجاوز حتى لا ينشمل ببدل المثل ، ولكنه في الوقت نفسه قد يكون سبب التأخير في ابرام عقد الايجار ليس المتجاوز بل اي امر اخر ، فكيف نحمل المتجاوز بدل المثل عن التأخير في ابرام عقد الإيجار .
13- لم اجد حكمة واضحة من وجود عقد ايجار يمتد لمدة 25 سنة ثم بعد ذلك يملك العقار للمستأجر – المتجاوز- فكان الاجدر ان يتم التمليك منذ البدء وفق شروط مقدمة تضعها الجهة المختصة وعلى شكل اقساط يدفعها المتجاوز، ولا يتم اصدار سند نهائي للمتجاوز الا حين تسديد كامل الاقساط .
ا. م. د علي شاكر عبد القادر البدري
كلية القانون – جامعة كربلاء